بواسطة : أ. مشعل بن عبدالعزيز السلمي
11:45 ص - 2016/12/26 - 2٬693 views
ممايحكى في القصص القديمة أن هناك ملك معروف بتشاؤمه و كان له وزير عكسه تماما ، و كان يستشيره في كل شيء ، وكان الملك يقربه منه ويصطحبه معه في كل مكان وكان كلما أصاب الملك ما يكدره قال له الوزير :
” لعله خير ” فيهدأ الملك ..
في أحد المرات خرج الملك إلى الصيد ورافقه الوزير وفي هذه الرحلة أصيب الملك في يده و اضطر إلى قطع أصبعه وهو متذمر وحزين جداً
قال له الوزير” لعله خير” فغضب الملك غضبا شديدا وأمر بحبسه وفي طريقه إلى السجن قال : “لعله خير ”
ومرت الأيام والشهور, خرج الملك كعادته لممارسة هوايته المفضلة -الصيد- خارج مملكته
وأثناء مطاردته لفريسته ابتعد كثيرا عن حرسه المرافقين له ، و دخل إلى قبيلة في الأدغال وكانوا يمارسون طقوسهم والتي تتمثل في تقديم قربان إلى الآلهة : أي شخص غريب يدخل قبيلتهم ،
وقد كان الملك !!
فربطوه و بينما هم يستعدون لقتله رأوا أصبعه المقطوع فأمرهم زعيمهم أن يطلقوا سراحه لأن القربان يجب أن يكون شخصا كاملا وفاخراً ، وحين عودته أمر بإطلاق سراح وزيره ..
وروى له قصته وبين له كيف أن إصبعه المقطوع هو الذي نجاه من الموت بإذن الله
وأنه مصيب في كلامه ..
ولكنه سأله قائلا : لقد سمعتك تقول وأنت ذاهب إلى السجن “لعله خير”
وهل في السجن خير؟
فرد الوزير : يا أيها الملك لو لم أدخل السجن لكنت معك في رحلة الصيد و أنا ليس في جسمي عيب ، لتركك أهل القبيلة و لقدموني أنا بدلا منك إلى آلهتهم قربانا !!
فكان في صنع الله كل الخير لي ولك ..
?سواء صحت هذه القصة أم لم تصح يعنينا الشاهد منها ..
نعم ( لعله خير ) هكذا هو المتفائل
?كن متفائلا !
واستمتع بالحياة ، وتلذذ بها ، وتوقع الأفضل دائما ..
إن التفاؤل شعور نفسي عميق ، يوظف الأشياء الجميلة في أنفسنا ومن حولنا توظيفا إيجابيا رائعا ..
?بكل صراحة !!
لاأدري كيف يعيش و يتنفس
المتشائم !!
لاأتخيل كيف يستمتع بالحياة ويأنس بها المتشائم !!
لأأظن ان يجد إستقرار نفسيا ، واطمئنانا داخليا المتشائم !!
ماذا يصنع التشاؤم وتوقع الأسوأ ؟
الهم ، الغم ، القلق ، التوتر ، الضيق ، الحزن ، الخوف ، النكد ، الكدر ، التعب ، المرض ..
لسان حال المتشائم :
لاشيء يرضيني وأرضيه .. الكون خصم لي بمايحويه
التشاؤم لايصنع حلا ، ولايجيب عن تساؤل ، بل يعقد المشكلة ويزيد الألم ، ويدمر الصحة والعافية ..
?ايها القاريء الكريم :
بعيدا عن التشاؤم ، إن الحديث عن التفاؤل حديث ممتع ، وكلام مقنع ، وروض مربع ..
ولعل هناك سؤال يحتاج إجابة وهو لب المقال كله
( ماهو التفاؤل؟ )
ببساطة وسهولة واختصار هو :
(توقع الخير ، والكلمة الطيبة تجري على لسان الإنسان ..)
قال صلى الله عليه وسلم
( ويعجبني الفأل ) قالوا وماالفأل يارسول الله؟
قال : الكلمة الطيبة ..
?مع صعوبات الحياة المعاصرة نحتاج إلى جرعات مستمرة دائمة من التفاؤل ، وعبارات لاتقف من التحفيز ، وكلمات متدفقة من الأمل ..
?مهما اشتدت عليك الأمور ، وظننت انها أغلقت في وجهك الأبواب ، وكثرت عليك الأزمات ، وضاقت عليك الأرض بمارحبت ، لابد أن تتفائل ..
?التشاؤم والتفاؤل ضدان لايجتمعان ، مثلا :
أخوان يصابان بمرض واحد تأتي للأول فيقول :
الحمد لله ، كفارة للسيئات، ورفعة في الدرجات ، وزيادة في الحسنات بفضل الله ..
والثاني :
حزين ، لايتكلم ، وإن تكلم تكلم بتسخط على قضاء الله وقدره
نعم ، شتان بينهما !!
المشهد لم يتغير ، ولكن ردات الأفعال مختلفة مابين متفائل ومتشائم ..
? كل عاقل يسعى ليكون متوازنا في داخله ، مطمئنا في نفسه ، لذا عليه أن يعود نفسه على نشر الكلمات الجميلة التي تفوح منها رائحة التفاؤل والرضا ، ويتدرج مع إستمرار في طريق التفاؤل لتكون عادة له وسجية وطبيعة له بدون تكلف ..
?سيد المتفائلين هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
عانى الشدائد والمصاعب في حياته ..
عاش يتيما ..
مات ابوه ولم يره ، ماتت أمه وهو ابن ست سنين ، مات جده وهو ابن ثمان سنين ..
مات جميع أولاده في حياته عدا فاطمة ..
اوذي وكذب من قومه ، عذب الكفار أصحابه ، ومع ذلك لم ينطق بكلمة سخط أو عبارة تشاؤم ، بل صبر وصبر أصحابه وبالذات بيت ياسر ، وقال سيد المتفائلين ( صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة )
يطارد هو وصاحبه أبوبكر رضي الله عنه من قريش في رحلة الهجرة ويؤيان إلى الغار حتى كادوا أن يدركونهم حتى خشي الصديق ذلك، ومع ذلك قال سيد المتفائلين ( ياأبا بكر ماظنك باثنين الله ثالثها )
والأحداث النبوية في التفاؤل أكثر من تحصر في هذا المقال
?3 طرق تزيد التفاؤل :
الأسباب والطرق التي تزيد التفاؤل كثيرة سأكتفي ب 3 منها :
1/ كثرة ذكر الله ، وترديد العبارات الإيجابية التحفيزية التي تعطي جمالا للحظة التي تعيشها
2/ العطاء ، ونفع الآخرين ، والإحسان إلى الناس ، تعزز التفاؤل
3/ البعد عن مجالسة المحطمين المثبطين المتشائمين ، والبحث عن المتفائلين المحفزين للجلوس معهم .
?لوحة المتفائل في كل مايصيبه ويمر به :
(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ..)
وحديث سيد المتفائلين صلى الله عليه وسلم :
“عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له”
رواه مسلم .
?ومضة
أيها القارئ الكريم :
بعد قراءات أزعم أنها ليست بالقليلة في التفاؤل ، والدراسات العلمية التي تثبت أثره على صحة وسعادة الإنسان ، اهديك هذا الحديث الذي إن فهمته ، وطبقته ، وجدت الخير يساق إليك ، والتفاؤل يملأ حياتك،والرضا يسيطر على مشاعرك وحديثك
وهو :
قال سيد المتفائلين صلى الله عليه وسلم : يقول الله تعالى
( أنا عند ظن عبدي بي ) متفق عليه ..
ظن بالله الظن الحسن الجميل ، ستجد ماظننته بالله أمامك ..
?كل الشكر للقائمين على صحيفة بني سليم ، والتفاؤل يدفعني أن أقول أنها ستكون منبرا كبيرا ، ومنصة متميزة لإكتشاف وتوجيه الطاقات والمواهب من قبيلة بني سليم العريقة بإذن الله ..
?نعم أقولها في البداية والنهاية :
( المتفائل. . يازينه زيناه )?
أ. مشعل بن عبدالعزيز اللبيني السلمي
إمام وخطيب جامع الهديب بمكة
المعيد بقسم المواد العامة بجامعة جدة
أعجبنى
(0)لم يعجبنى
(0)